تحقيقات

 إلغاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يعرقل عمل مدرسة مخصصة لضحايا بوكو حرام في نيجيريا

مايدوجوري ( نيجيريا) ـ وكالات ـ هاجم متشددو حركة بوكو حرام قرية في شمال شرق نيجيريا منذ ثمانية أعوام : وكان من بين المقيمين في هذه القرية إسرائيل بيتر الذي كان يبلغ من العمر ستة أعوام في ذلك الوقت. واضطرت أسرته مثل غيرها من الأسر للفرار وترك بيتر الدراسة. و حتى الآن ما يزال لم يعد إلى المدرسة.

وتلاشت فرصة نادرة لتغيير ذلك الوضع هذا العام، عندما رفضت منظمة غير ربحية تقدم التعليم المجاني لضحايا بوكو حرام طلب بيتر. وأرجعت ذلك إلى فقدان التمويل الأمريكي، بعدما فككت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وكان العديد من داعمي المدرسة يحصلون على تمويل من الوكالة.

وقال بيتر، الذي يحلم بأن يصبح مهندسا” الآن مستقبلي لن يصبح عظيما”. وبقضي بيتر أيامه في العمل في مزرعة والده الصغيرة. ولا تستطيع أسرة بيتر تحمل دفع تكاليف المدرسة.

واستفاد من المدرسة التي تديرها مؤسسة فيوتشر برويس الإسلامية 3000 طفل في ولاية بورنو، بؤرة الصراع المستمر منذ 16 عاما مع بوكو حرام، الذي أسفر عن نزوح الكثيرين وفقدان الكثير من الأطفال لآبائهم.

وتحظر بوكو حرام، التي تريد إقرار القانون الإسلامي في المنطقة، التعليم الغربي، واكتسبت شهرة عالمية بعد عمليات الاختطاف الواسعة النطاق للطلاب.

وزارت وكالة أسوشيتد برس (أ ب) المنطقة لتوثيق مدى تأثير خفض التمويل من جانب الولايات المتحدة، أكبر جهة مانحة لنيجيريا، على المدنيين في واحد من أقدم الصراعات المستمرة في العالم. وقد لقى أكثر من 35 ألف شخص حتفهم ونزح 6ر2 مليون آخرون في مناطق في نيجيريا والكاميرون والنيجر وتشاد.

وبعد انقطاع التمويل الأمريكي، اضطرت المدرسة إلى أن تستبعد 700 من بين طلابها الـ2200 بالإضافة إلى 20 مدرسا، حسبما قال المسؤولون، كما لم تعد تقبل طلابا جدد، ومن المرجح أن تقلص أعداد الطلاب والمدرسين بصورة أكبر.

ويعتمد الملايين من الأشخاص في المنطقة على منظمات المساعدات والشركاء الأجانب من أجل البقاء على قيد الحياة. وقد مولت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عددا من المشروعات تتراوح ما بين الرعاية الصحية إلى التعليم والرعاية الاجتماعية، حيث منحت نيجيريا 5ر1 مليار دولار ما بين 2023 و 2024

كما أن جهات مانحة أخرى مثل بريطانيا بدأت تسحب تمويلها أيضا، معللة قرارها بالاحتياجات المالية الملحة في الداخل.

وقالت كريستال اكانيه موسى المدير السابق الإقليمي بمؤسسة مالالا، التي تركز على التعليم ” نطاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كان واسعا، حيث استفاد من عملها الملايين من الأطفال النيجيريين. وتسبب انسحابها المفاجئ في حدوث فراغ حرج يجب التعامل معه بصورة عاجلة”.

وأكد مفوض ولاية بورنو لاوان كلارك لوكالة اسوشيتد برس (أ ب) أن تأثير تراجع التمويل الأمريكي على التعليم ليس كبيرا، حيث أن الجهات المانحة تركز بصورة أساسية على مساعدة الطلاب على التعلم ضمن الهياكل القائمة.

ولكن الكثير من الأسر مثل أسرة بيتر لا تستطيع تحمل تكلفة التعلم في هذه الهياكل.

وعلى الرغم من وجود أكبر عدد من غير الملتحقين بالمدارس في العالم في نيجيريا- بواقع أكثر من 10 مليون شخص، وفقا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)- فإن حكومة نيجيريا تمول التعليم بنسبة تتراوح ما بين 4% و 7% من ميزانياتها الاتحادية. وهذه النسبة تعد أقل من الحد العالمي الأساسي الموصي به من جانب منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم والثقافة (اليونسكو) وهو 15% إلى 20%..

ويتفاقم تأثير تقليص التمويل في شمال غرب البلاد، حيث أدى الصراع لتدمير البنية التحتية الرئيسية و أصبحت الأسر منشغلة بالبقاء على قيد الحياة.

وتم تأسيس مدرسة مؤسسة فيوتشر برويس الإسلامية في ولاية بورنو عام 2007، قبل عامين من بدء القتال، حيث كانت مهمتها الأولية تقديم التعليم لليتامى. ولكن تم توسيع مهمتها لتشمل دعم الأطفال المتضررين من الصراع.

ويخشى مسؤولو المدرسة ومنظمات المساعدات في الوقت الحالي من احتمال أن يرحب المتشددون بالأطفال الذين لم يعد بالإمكان تقديم الدعم لهم.

وقال مؤسس المدرسة زانا مصطفي ” في ظل ما يحدث، ليست هناك حاجة لتجنيدهم، فهم فقط سيعودون إلى الأماكن النائية للانخراط في القتال”.

وأضاف أن بعض الأطفال الذين تقدموا بالطلب للدراسة هنا من أفراد بوكو حرام السابقين، الذين انشقوا ونبذوا العنف. ولم يتضح ما إذا كان أي منهم من الطلاب الذين تم استباعدهم من المدرسة.

وفي منطقة تحظى بخيارات محدودة للتعليم، يعود الفضل لمؤسسة فيوتشر برويس الإسلامية لمنحها الآلاف من الأطفال على مدار أعوام فرصة نادرة لتحقيق أحلامهم.

 ويدرس يوسف مصطفي حاليا في السنة النهائية لعلوم الكمبيوتر في جامعة بجنوب غرب نيجيريا. وقد قتل مسلحو بوكو حرام والديه.

وقال مصطفي / 21 عاما/ ” إذا لم أذهب لهذه المدرسة، لا أعلم كيف كانت ستكون حياتي لأنني ليس لدي أحد لينفق على تعليمي، حتى الطعام الذي أتناوله”.

 وتعد راماتو عثمان من بين الطلاب الذين استبعدتهم المدرسة هذا العام، قبل فترة قصيرة من خضوعها لامتحانات المدرسة الثانوية. فقد أرادت أن تدرس الطب. والآن تمضى أيامها في خياطة القبعات من أجل بيعها.

وتقول والدتها هاجارا موسى إنها تبكي يوميا من أجل ابنتها، وتحاول توفير الأموال من أجل عودتها للمدرسة، ولكن الأمر ليس سهلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى