يورابيا – ويبقى السؤال معلقا على ذمة التاريخ التونسي الحديث إلى حين الوصول إلى إجابة قاطعة وحاسمة تتجلى فيها الصورة التي يعرفها الجميع، لكن ينقصها دليل الإدانة القطعي.
هذا التاريخ التونسي نفسه قديمه وحديثه الذي لم تكن فيه نمطية الاغتيال السياسي حاضرة ولا موجودة،
يعيش اليوم واقعا (محسوب على ذمة التاريخ غدا)، هو واقع عصيب إقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، مع ما يتزامن ذلك اليوم من تزعزع السلطة وخفة وزن الدولة فتبرز لنا فجأة تسريبات مهمة وخطيرة تتعلق باغتيال المناضل التونسي الحر شكري بلعيد، والذي هز مقتله كل الشارع التونسي غير المعتاد على الجريمة السياسية بهذا الشكل الدموي البشع.
هذا الاغتيال الذي حدث بعد الثورة التي افترضنا أنها فتحت الأبواب والنوافذ لدخول هواء الحرية و فضاء الاختلاف والتعددية، ثم تبع هذا الاغتيال البشع اغتيال بشع آخر استهدف حياة محمد البراهمي، فلم يستوعب الشارع التونسي حجم الصدمة حتى اليوم.
والآن ومع تلك التسريبات الخطيرة والتي يمكن البناء عليها قضية متكاملة الأركان تفضي إلى إدانة مثبتة بالدليل لو افترضنا عدم التعكير القانون وعدالته بالمعطيات السياسية فإنني أطرح تساؤلات على هامش القصة كلها:
1: لماذا كلما اقتربت فترة الانتخابات تثار هذه القضية من جديد، فقد سبق للرئيس التونسي أن وعد الشعب بكشف قاتلي شكري و البراهمي و بعد وصوله الى الرئاسة تجاهل الأمر ؟
2:سرقة مستندات مهمة من مكتب طليقة شكري في نفس الفترة، واتساءل هنا لماذا لم تقدم هذه المستندات الى القضاء ؟
3: تسريب المستندات الآن هل هي لكشف الحقيقة التي ينتظرها الشارع التونسي؟ أم هي حملة انتخابية مبكرة لصالح طرف ما ؟
4:هل تسريب هذه المستندات سيحال – بمقتضى كشفها – عن أشخاص أو جهات إلى القضاء أم هي ستكون مثل زوبعة في فنجان و يعود الشارع يسأل (شكون قتل شكري ) و تبقى الحقيقة غائبة ومعلقة على ذمة انتخابات قادمة؟
5: تسريب هكذا مستندات لم تكن في متناول أيادي أناس عاديين نظرا لخطورتها حسب اعتقادي،وعليه فإن مصدرها غالبا سيكون جهة مسؤولة، مما يجعل السؤال الأهم لماذا لم تقدم هكذا وثائق الى القضاء؟ و لمن يبحث في الموضوع يجد بأن هذه الجماعات تساوم بالقضية و سنرى قريبا مستندات أخطر ان لم تتم الصفقة بينهم فاما ان يتم اتفاق تراضي و تعود القضية الى الرفوف الاخيرة او ان تتطور الامور و تكشف الايام القادمة خفايا اخرى، وكله خاضع للصفقات السياسية على ما يبدو!
فالى متى ستبقى قضية شكري و البراهمي عملية ابتزاز للمواطن التونسي الذي انهكته الظروف الاقتصادية و الاجتماعية وإلى متى يبقى ميزان العدالة فاقدا توازنه معلقا على مزاجية الصراع السياسي؟